آلَاء وَلِيدْ حُسَيْنْ ✎.

‏https://t.me/el_Gehad

إفلاس لغوي والشعور فائض.

العلاقة بين القهوة والكتابة والقراءة. إِنَّ مِن الشهير في العالم الارتباطُ الوثيقُ بين الكاتبِ أو القارئِ والقهوة، بدا لي الأمر مُثيرًا للدهشةِ! لماذا كل كاتبٍ يتجه لشُربِ القهوة؟ ولماذا كل قارئٍ دائمًا ما تجد بجانبه فنجانًا من القهوة؟ بعد بعضِ الأفكار والأبحاث، ومحاولات الربط بين القهوة وكلٍّ مِن الكاتبِ والقارئ، والسبب وراء هذه العلاقة الشديدة تبيَّن لي أنها علاقة نقصٍ واحتياج، ومحاولة في ملء هذا القَدر مِن النقصِ؛ حيث أن القهوة تعمل على تنشيط التركيز كيميائيًّا لامتصاص الدم لمادة الكافيين التي تصل إلى خلايا المخ وربما عن طريقِ شمِّها فقط، مما يجعل القهوة مُساهمةً في اتزان المخ بشكلٍ سليمٍ نسبيًّا، وتساعد في ترتيب الأفكار وتصفية المخ من أفكارِه المزعجة، وضبط مزاجية روح الإنسان ونزع السلبية منها. وبحسب المفهوم المُنتشر والمعروف أن القهوة تُوقظ روح الكتابة لدى الكاتِب، وتمنحه قوةً وشجاعةً لسردِ أفكارِه وتحويرها لأفضلِ صورةٍ على الإطلاق. عن الكاتبِ مثلًا: جميعنا نعرفُ أنَّ للكتابةِ أنواع، وأشهرها الإبداعية؛ وهي ما يُسرد بها المشاعر والأحاسيس وما يمتلئ به الجنان، وربما يُسرد به بعض المشكلات النفسية التي تدور في المجتمعِ المحيط واقتراح حلولٍ لها، وربما بعضها للكاتب ذاته فيكتشف حلولًا لنفسه كما لغيره، مما يساهم في تصفية المخِّ من أفكارِه السلبية، وتلبية احتياجاته من حيث الراحة والاسترخاء، وذلك يجعل المخ في حالة اتزانٍ نسبي، وانتشار الإيجابية والروح الجيدة به.

وأُثبت عمليًّا مِن مجموعةٍ مِن الخبراء في جامعة «كاليفورنيا» أن استخدام الورق والقلم في الكتابة يساعد على التركيز فيما يُكتب، وتُزيد مِن التفكيرِ فيه مما يجعلها أفضل نتائج تصفية للذهن مما هو ممتلئ به.

ما أردت قوله في الحقيقة: أن سبب ارتباط القهوة بالكتابة هو هدفهما الذي ينُص على تنشيط التركيز، والتخلص مِن السلبيات في المخ، وخفض نسبة الانزعاج للروح، والحصول على هدوءٍ ذاتي؛ خاصةً مَن يُعانون من التفكير الزائد، وعن التفكير الزائد المبالغ به، فهذا أكبر الأسباب التي تحولهم من اجتماعيين إلى انطوائيين صعب التفاعل بينهم وبين الآخرين؛ لأنه بكل وضوح الشخص المبالغ في التفكير يُفضِّل أن يتحدث كثيرًا وأبدًا لتقليل كثافة الأفكار مِن داخلِه، ولم يثبت أي بشري أن بإمكانه تحمل شيءٍ كهذا إلا في العلاقاتِ الحقيقية، وهم قلة قليلة لا تُذكر، أما في الطبيعي، في حين عدم وجود مَن يتحمل هذه الطاقة الزائدة، يضطر للبحث عن طرقٍ أخرى للتفريغ عما بداخله، ويتجه للورق والقلم ويحكي لهما ما يحمله، وبمرور الوقتِ يتحول تلقائيًّا من مجرد مُفضفِضٍ إلى كاتبٍ يبحث عن جمهورٍ يقرأ له ما رُفض سماعه مسبقًا. ونظرًا لحقيقةٍ علميةٍ نفسية فإن الإنسان دائمًا ما يبحث عن شخصٍ يشعر به ويراه ويُقدِّر قيمته، وهذا يعود للتجاهل الشديد وقلة الاهتمام من بداية مراحل حياته الأولى، والقهوة هي وسيلة نجاحٍ لكلِّ مَن مَدَّ قلمه في بحرِ الكتابة، فكلما خاطرته فكرةٌ، لمعَ كوب القهوة في قلبِه وأيقظ تركيزه ونشاطه الفكري، وقد يلمعُ هو (الكاتب) شخصيًّا في الأفق مستقبلًا. أما عن القارئ، فَلَهُ حالتين، الأولى: أن يكون قارئًا لا كاتبًا، ارتباط القهوة بالقراءة هنا يَعود لنفس أسباب ارتباط القهوة بالكتابةِ نسبيًّا؛ حيث إنه أثناء القراءة يحتاج لعقلٍ فارغٍ مُستقبِلٍ للأفكار التي سيقرأها ليحصل على نسبة استفادةٍ عالية، ولذلك يشرب القهوة لتصفية ذهنه من أي سلبياتٍ تُذكَر والتقليل من نسبة الانزعاجِ بداخله. والثانية: أن يكون قارئًا وكاتبًا، وهذه تختلف في شيءٍ واحدٍ عن الأولى، وهي الهدف الكامل؛ حيث إن الهدف الأول هو تصفية المخ مِما قد يشتته، وأيضًا لتزويده بالمعلومات، ولكن في الثانية نُضيف أنها وسيلة هربٍ جيدة من الاضطرابات والأفكار اللا نهائية عندما ييأس الإنسان من محاولة كل الطرق للتخلص مما بداخلِه ولا يحصل إلا على الفشل فيتجه للقراءة لعلها المُنجية الأخيرة. ويجمع بينهما الطاقة التي يحتاجها القارئ لاستيعاب ما يقرأه بشكلٍ كاملٍ والتي تأتي بها القهوة حيث تزيد من تنشيطه. قرأت حين مرة رئيس الجمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية بالإمارات "خالد الظنحاني" يقول: «المثقف حين يسافر بخياله مع رائحة القهوة ونكهة القهوة والدخان المتطاير من القهوة، فهو يُحَلِّق في أجواءِ الخيال فيُبدع، ويبقى هذا الارتباط الجميل، ليصاحبه وهو يقرأ جريدة الصباح بعد ارتشاف كوب من القهوة» بالنهاية: أرواحنا مُعلقةٌ بتلك العلاقة الوثيقة بين ثلاثتهم، وهدفهم الرئيسي هو التخلص من السلبيات الرائجة، واكتساب بعض الهدوء واتزان التفكير والتركيز، فلا استهزاء بأمرٍ كهذا، ولابُد من مراعاة كلًّا مِن الكاتبِ والقارئِ والقهوة؛ لأنهم عائلة تُكمِّل بعضها البعض، وما يستند عليه أي بشريٍّ يحتاج لما هو متوفر عندك أو العكس، القهوة ترفع من شغفِ القراءة، والقراءة تُزيد الكاتب عامًا وفكرًا، فلا يُمكنك كسر

عُكازِه أيا الجاهل، وهذا أيضًا نقصٌ منك عليك بإكمالِه. - آلَاء وَلِيدْ حُسَيْنْ. @A7_W_H