cookie

We use cookies to improve your browsing experience. By clicking «Accept all», you agree to the use of cookies.

avatar

أحمد الشريف

#معركة_الوعي_أم_المعارك

Show more
Advertising posts
1 805
Subscribers
-124 hours
-47 days
-1530 days

Data loading in progress...

Subscriber growth rate

Data loading in progress...

#الطريق_إلى_كامب_ديفيد ..(١).. توشك الأمة بعد أقل من عشرين يوماً على إكمال سنة كاملة على يوم السابع من أكتوبر سنة ٢٠٢٣م وبدء عملية طوفان الأقصى، وهو اليوم الذي يعدّ دون أدنى شك أحد الأيام الفاصلة في القرن الحالي، والذي لن تعود الأمة من بعده كسابق عهدها قبله!. وإذا كان من قبيل التسرع الحديث عن كتابة دراسة علمية شاملة عن العملية، خاصة وأن فصولها الأخيرة لم تكتب بعد. فإنه من الواجب محاولة الإجابة على السؤال المشين الذي يضعنا أمام حقيقة مُرة لم يشهدها تاريخ القضية الفلسطينية منذ النكبة الكبرى سنة ١٩٤٨م، وهو #لماذا كل هذا الصمت المخزي من الشعوب العربية إزاء مذبحة الشعب الفلسطيني، ولماذا انحدر بنا الحال من الخيانة من تحت الطاولة والاِسْتِتَار من بلاء التآمر مع العدو، إلى حد الانغماس في مستنقع التطبيع وضرب الحصار على فصائل المقـاومة والاصطفاف العلني مع العدو من أجل القضاء عليها؟!. وهو ما يجب أن نبدأ الإجابة عليه من تلك الذكرى الـ٤٦ لتوقيع اتفاقية "كامب ديفيد" التي مرّت علينا أمس (١٧ سبتمبر) في صمت تام، على الرغم من كونها الحدث الأكثر خطورة على الإطلاق في قائمة الأحداث التي غيرت وجه المنطقة العربية في العصر الحديث. والذي يجب الوقوف عنده طويلا بالدراسة والتحليل، لمردوده الكبير المرتبط بقضية تعتلي سلم الأولويات في حياتنا المعاصرة وملف لم ولن ينغلق إلا بزوال الكيان الصـهيوني الغاشم!. ففي الوقت الذي استضاف فيه المنتجع الأمريكي "كامب ديفيد" الواقع بولاية "ماريلند"، في الفترة من ٥ سبتمبر إلى ١٧ سبتمبر سنة ١٩٧٨م، الوفد المصري برئاسة الرئيس "أنور السادات"، ونظيره الصـهيوني برئاسة رئيس الوزراء "مناحم بيجن"، للتشاور والتفاوض من أجل تحقيق السلام في المنطقة تحت رعاية الرئيس الأمريكي "جيمي كارتر". وقف العالم العربي والإسلامي مشدوها مصدومًا لا يكاد يصدق ما يحدث وكأن الرئيس "السادات" كان يوقع قرار انتحاره السياسي وليس بروتوكولات السلام مع الدولة الصـهيونية!. وإذا كان لكل حدث أبطاله فإن البطل الأوحد هنا هو الرئيس "السادات"، حيث كان "السادات" وحده دون منازع هو القوة الدافعة وشريان الحياة و #الطريق_الوحيد لهذا السلام المشؤوم، الذي شهد ظاهرة غير مسبوقة من الاستقالات في سلك الدبلوماسية المصرية فرارًا من عار المسئولية التاريخية عنه. بدءًا من وزير الخارجية "إسماعيل فهمي"، ومن بعده "محمد رياض" وزير الدولة للشؤون الخارجية، ثم الوزير الأسبق للخارجية الدكتور "مراد غالب" سفير مصر في يوغوسلافيا، والفريق "سعد الشاذلي" الذي كان وقتها سفيرًا لمصر في البرتغال، وصولاً إلى وزير الخارجية "محمد إبراهيم كامل" أحد أصدقاء "السادات" المقربين الذي استنجد به بعد سلسلة الاستقالات تلك التي احرجته دوليا، فاستمر في منصبه كوزير للخارجية لبضع شهور وذهب مع السادات إلى أبعد الشوط في كامب ديفيد والتفاوض مع العدو الصـهيوني ولكنه استقال يوم ١٦ سبتمبر ١٩٧٨م، قبل بضع ساعات من توقيع الاتفاقية قائلا: «لقد استسلم "السادات" تماما للرئيس "كارتر" الذي استسلم بدوره لـ"مناحم بيجن"، وإن أي اتفاق سيعقد سوف يكون كارثة على مصر وعلى الشعب الفلسطيني وعلى الأمة العربية جميعًا»!. وقد اعترف "إبراهيم كامل بأن تصرّفات "السادات" قد حيّرته وكان من الفرضيات التي خطرت على باله لتفسيرها: «أن يكون السادات في حالة انهيار تام سلبه إرادته، أو أن تكون التكنولوجيا الأمريكية قد نجحت في السيطرة عليه وتوجيهه مغناطيسيًّا، أو أصابه الجنون والعمي معا، أو –وهو الاحتمال الأكثر إيلاما– أن اختار أن يلعب دور #كويزلنج في منطقة الشرق الأوسط واختار أن يكون عميلا للولايات المتحدة من أجل ضم مصر إلى الحلف الأمريكي الإسـرائيلي!.[١].. وأنا شخصيا لا أعتقد في صحة تلك التفسيرات التي افترضها وزير الخارجية الأسبق وخاصة ما ذهب إليه غالبية الناصريين بترجيح الاختيار الأخير الخاص بالنرويجي "كويزلنج" ذلك السياسي العسكري الذي خان بلاده لصالح الألمان في الحرب العالمية الثانية!. فهناك تفسير خامس هو شخصية الرئيس "السادات" نفسه الذي كان من سوء حظ مصر والأمة العربية أن يعتلي سدة الحكم فيها رجل مثله في تلك الفترة التاريخية الحرجة من الصراع العربي الإسرائيلي. ولعل ذلك من المعلوم من حكم "الطاغية" بالضرورة، لأن "عبد الناصر" لم يُبق بجواره إلا أمثال هذه الشخصية التي لم تدخر جهدا في طاعته وتقديسه!. فلم يتقلد "السادات" أي منصب سيادي أو تنفيذي طوال فترة حكم "عبد الناصر" اللهم إلا رئاسة دار التحرير التي كانت لسان حال الثورة وتَولّد منها جريدة الجمهورية سنة ١٩٥٣م، قبل أن يقوم "جمال عبد الناصر" بتأميم الصحافة كلها ونقل ملكيتها إلى الدولة في مايو ١٩٦٠م، في ظل حكم الزعيم الأوحد الذي كتب عنه "السادات" العديد من الكتب والمقالات جاء فيها على سبيل المثال:
Show all...
وقد كانت مغازلة الولايات المتحدة الأمريكية وربط الاستراتيجية العليا المصرية بها من القناعات الشخصية للرئيس "السادات" منذ أيامه الأولى في الحكم حتى أنه قال عن اللقاء الأول الذي جمعه بهنرى كيسنجر في السادس من نوفمبر ١٩٧٣م: «أعتقد أنه لو رآنا أحد بعد الساعة الأولى من اجتماعنا بقصر الطاهرة لاعتقد أننا أصدقاء منذ سنوات وسنوات»!..[٨].. فكان الإعجاب بالنموذج الأمريكي والسعي وراء النجومية الشخصية العالمية التي وفرتها الدعاية الأمريكية أقوى الدوافع المحركة للرجل بشخصيته المعقدة التي جمعت بين العديد من التناقضات مثل محاولة الاقتداء بهم في المظهر الديمقراطي مع الاحتفاظ بصلاحيات الحاكم الفرعون وبهرجة الشاه وفخامة الامبراطور، فكانت النتيجة ديمقراطية الأنياب ومذبحة التنازلات لصالح العدو الصـ.هيوني، وهذا ما سوف نتعرض له بشيء من التفصيل في المقال القادم بإذن الله تعالى ومناقشة بنود الاتفاق بعد أن رأينا بعض المعالم على طريق الوصول إليه!. كتبه الفقير إلى عفو الله/ أحمد الشريف.. ١٨ سبتمبر ٢٠٢١م / ١١ صفر ١٤٤٣هـ #معركة_الوعي_أم_المعارك .. تنويه: لمن يريد المزيد من تفاصيل حرب أكتوبر/ رمضان المجيدة مطالعة روابط دراسة من أربع مقالات في التعليق الأول ومعها عدة مقالات أخرى عن أسطورة محاولة السادات لاستعادة الحقوق الفلسطينية، فضلا عن زيارة القدس المشؤومة وعناوين أخرى!. هوامش المقال: [١] السلام الضائع في كامب ديفيد، محمد إبراهيم كامل، صـ٤٨٥، مركز الأهرام للترجمة والنشر، طبعة سنة ٢٠٠٢م. [٢] يا ولدي هذا عمك جمال، أنور السادات، صـ٢١٥، طبعة دار الهلال سنة ١٩٥٨م.. [٣] البحث عن الذات، مذكرات أنور السادات، صـ٢٨، المكتب المصري الحديث، طبعة أولى سنة ١٩٧٨م. [٤] مذكرات الدعوة والداعية، حسن البنا، صـ٥٤، مكتبة آفاق، الكويت سنة ٢٠١٢م. [٥] مقال بقلم أنور السادات، جريدة الجمهورية، العدد ٧٠٥ بتاريخ ٢٨ نوفمبر ١٩٥٥م. وأيضا كتاب "خريف الغضب، محمد حسنين هيكل، صـ٤٤، طبعة الأهرام. [٦] مذكرات حرب أكتوبر، سعد الشاذلي، صـ٤٩، رؤية للنشر والتوزيع، طبعة الثانية نوفمبر ٢٠١١م. [٧]مذكرات "هنري كيسنجر"، جـ٢، صـ٤٨٣، طبعة دار الأهلية عمّان .. وكتاب "أمن مصر القومي"، محمد حافظ إسماعيل، ص ٣١٨، طبعة مركز الأهرام للترجمة سنة ١٩٨٧م.. [٨] السادات، روبير سوليه، صـ١٣٥، دار نوفل بيروت طبعة ٢٠١٥م..والبحث عن الذات، الطبعة الفرنسية، صـ٤٢٢. #إعادة_مزيدة_ومنقحة
Show all...
👍 1
«و"جمال" يا رب من صنعك الرائع وابداعك القاهر، إنه عبدك المؤمن، المُسيّر بإلهامك، الباعث في شعبه رسالة الحق والعزة والسلام.. نصرتنا به يا رب في مواطن كثيرة.. نصرتنا به يوم أن ضاقت علينا أرضنا، وحَبَس الملك الخليع هو وشركاؤه علينا أنفاسنا، فشاءت قدرتك أن ينتصر الشعب بتضحية وفداء وصلابة من خلال جمال، وعلى يد "جمال"، وبيقين منك يا رب وهبته "جمال". ونصرتنا به يا رب يوم أن خضنا مع بريطانيا معركة الجلاء .. ونصر اليوم يا رب على فرنسا وبريطانيا العظمى هو أروع ما وهبتنا من انتصارات..»!.[٢].. ثم تولى رئاسة الأمانة العامة للمؤتمر الإسلامي الذي أُنشيء في منتصف الخمسينات، وكان ذلك من المفارقات الشديدة حيث كان السادات شديد الإعجاب بشخصية "مصطفى كمال أتاتورك" عدو الإسلام ومُسقط الخلافة والذي قال عنه "السادات" في مذكراته المنشورة في فترة رئاسته: «عندما كنت في الكلية الحربية في الثلاثينات كان "أتاتورك" هو مثلي الأعلى»!.[٣].. وهذه نقطة مهمة في بناء الشخصية لها دلالتها في الإحساس بقضايا الأمة ومصلحتها الاستراتيجية.. حيث كان -على سبيل المثال- سقوط الخلافة الهمً الأكبر عند شاب آخر هو الإمام "حسن البنا" الذي قال في مذكراته: «لقد قامت تركيا بانقلابها الكمالي، وأعلن مصطفى كمال باشا إلغاء الخلافة، وفصل الدولة عن الدين في أمة كانت إلى بضع سنوات في عرف الدنيا هى مقر أمير المؤمنين»!.[٤].. وربما زال العجب بسبب تولية منصب الأمين العام للمؤتمر الإسلامي لغير أهله، إذا علمنا أن "عبد الناصر" كان ينصر الهند ضد باكستان المسلمة بسبب صداقته لـ"جواهر لال نهرو" رئيس وزراء الهند، ونفس الشيء عندما وقف مع "جوليوس نيريري" زعيم تنجانقيا ضد شعب زنجبار المسلم في الصراع التنزاني بينهما، وتكرر الأمر أيضا بتأييده للأنبا "مكاريوس" زعيم القبارصة اليونانيين ضد نظرائهم الأتراك المسلمين!. لذلك كان "السادات" هو الرجل المناسب للمنصب كما أن طاعته العمياء حتى في سفك الدماء حين شارك زميليه في حركة الضباط "جمال سالم" و"حسين الشافعي" رئاسة المحكمة التي حكمت بالإعدام على الشيخ "محمد فرغلي" قائد فصائل الإخوان المسلمين في حرب فلسطين ومجموعات الفدائيين في خط القناة ضد الإنجليز، والمستشار "عبد القادر عودة" صاحب التشريع الجنائي الإسلامي وآخرين سنة ١٩٥٤م، مما جعله الأنسب لتولي رئاسة مجلس الأمة المصري في الستينات، قبل أن يصبح النائب الأول لرئيس الجمهورية، حيث لا أحزاب ولا معارضة ولا صوت خارج مظلة الاتحاد الاشتراكي في أوج نظام فاشي ودكتاتوري لم تشهد البلاد مثله من قبل!. وجدير بالذكر هنا عند دراسة شخصية #بطل_كامب_ديفيد ، معرفة طموح الرجل وتطلعاته الأولى في صدر الشباب عندما كان يرى مستقبله في التمثيل وقد تقدم في منتصف الثلاثينات إلى المنتجة "عزيزة أميرة" للعمل معها ولكن من نكد الدنيا أنها لم تقبله وانصرف عن ذلك الطريق ودخل الكلية الحربية، ولكن ظل على هواه مع صعود نجم الفنانين وشهرتهم حتى أنه كتب في جريدة الجمهورية أثناء توليه مسؤليتها: «إنني لا أجد نفسي حقيقة إلا في صحبة الممثلين»!.[٥].. وربما هذا ما جعل الرجل ممثلا ومخادعا بارعا على مسرح الحياة حتى استهان به خصومه السياسيون وتخلص منهم بسلاسة كبيرة في مايو ١٩٧١م، ولكن عدم الانتماء وضعف الهوية جعل من الخداع صفة مرذولة أضرت بالصديق دون العدو، كما حدث مع الإخوة السوريين أثناء التحضير لحرب التحرير، حيث كانت الخطة الموضوعة للحرب هي احتلال شريط بعرض حوالي (١٠ : ١٥كم) شرق القناة والتي كانت تحت عنوان "المآذن العالية"، ولكن وزير الحربية "أحمد إسماعيل" في خلال شهر أبريل ١٩٧٣م، طلب من رئيس الأركان الفريق "سعد الشاذلي" تطوير الهجوم في الخطة من أجل الاستيلاء على خط المضايق الذي يبعد حوالي ٥٠كم شرق القناة. فلما أخبره "الشاذلي" أن هذه خطة مستحيلة التنفيذ في ظل التفوق لسلاح الجو الإسرائيلي وعدم وجود صواريخ دفاع جوي متحركة كافية لصد الطيران الإسرائيلي فضلا عن خروج القوات المصرية خارج مظلة حائط الصواريخ الموجودة غرب القناة والتي لا يتجاوز مداها الـ١٥ كم. فقال له "أحمد إسماعيل" : «إن السوريين لن يوافقوا على دخول الحرب إذا عرفوا أن مصر لن تتقدم إلى خط المضايق»!. وهنا أخبره "الشاذلي": «من الممكن أن نقوم بهذه المرحلة وحدنا وإذا نجحنا سوف يشجع ذلك السوريين على الانضمام إلينا في المراحل التالية وفتح جبهة في مرتفعات الجولان». وعقب الفريق "الشاذلي": «لقد كنت أشعر بالاشمئزاز من هذا الأسلوب الذي يتعامل به السياسيون المصريون مع إخواننا السوريين»!.[٦].. وظل هذا الخداع للعرب دون العدو الصـ.هيوني حتى بعد بداية الحرب فعليا حيث لم يعلم العرب وقتها أن "السادات" أرسل مذكرة عن طريق الأجهزة السرية لوزير الخارجية الأمريكي "هنري كيسنجر"، كتبها حافظ إسماعيل مستشار الأمن القومي يوم ٧ أكتوبر، جاء فيها إن مصر لا تعتزم تعميق الاشتباكات أو توسيع المواجهة!..[٧]..
Show all...
التي طالعتها على مدى الأسابيع الماضية .. سلمت وسلم قلمك.. وإني لأتساءل معك يا أخي: تُرى مَن وراء هذا المخطط الذي تبنته بعض الصحف والمجلات في مصر وهذه المطبوعات التي تظهر بين الحين والحين لتصد عن سبيل اللّه.. ولتصرف الناس عن طلب الاستقامة وتصحيح المسار ؟!. إنهم بهذا المخطط يناهضون طلب الإصلاح بالإسلام.. وهو الأصلح للحياة..».. وفي ختام الرسالة يقول الإمام: «إن أمن الأمة في حاجة إلى مواجهة جادة لهذا الفكر، الذي يُشيع الفتنة، وذلك واجب أهل العلم و أصحاب القلم.. وفقك اللّه لقول الحق ونشره، وأثابك و أمدك بروح من عنده..»[٣] كما كان الأستاذ فارسًا صلبًا واضحًا لا يمسك العصا من المنتصف في مقاومته لأصحاب الفكر العلماني، حتى أنه رفض التماس المستشار الشـهيد "عبد القادر عودة" العذر لأمثال هؤلاء الجاحدين بفقر المعرفة بالإسلام.. وهو ما تناوله المستشار في كتابه "الإسلام بين جهل أبنائه وعجز علمائه" داعيًا إلى تبسيط كتب الفقه لتكون في مستوى استيعاب المثقفين المعاصرين!. فقال "هويدي": «وإن كنا نوافق الأستاذ "عودة" إلا أننا لا نجد عذرًا لمن نَصّبَ نفسه منهم قاضيًا ومفتيًا في أمور الإسلام والمسلمين. إذ أن التصدي لهذه المهمة له شروطه، وأهمها ضرورة الإحاطة بالموضوع من منابعه الأصلية المعتمدة، أيًّا كانت صعوبتها، لا عن طريق شهادة الشهود المطعون في حيادها وعدالتها. أما الذين لا يجدون في أنفسهم قدرة على احتمال تكاليف وعناء هذه المهمة، فإما أن يقولوا خيرًا، أو يسألوا ليُجيب غيرهم، أو يلتزموا الصمت، فيريحون ويستريحون»!.[٤].. ومن ثمّ اكتسب "هويدي" عداوة قطاع عريض من الكتاب أصحاب الحظوة في الدولة، لأنه كان حائطَ صدٍ كبيرٍ وحارسًا من حراس الهوية الإسلامية ضد أساطين العلمانية وكبار مثقفيها مثل فرج فودة، وغالي شكري، وفؤاد زكريا، وحسين أحمد أمين، ولطفي الخولي، ومحمد أحمد خلف الله وغيرهم، وخاض ضدهم معارك كبيرة على صفحات الجرائد وجمعها في بعض كتبه بعد ذلك، وهى الكتب التي جعلها الله شفاءً لصدور قوم مؤمنين. من أجل ذلك غالبا ما أتذكر الأستاذ منذ أن قُصف قلمه ومُنع من الكتابة قبل ستة أعوام من الآن، ولسان حالي كما قال الشاعر: سَيَذْكُرُنِي قَوْمِي إِذَا جَدَّ جِدُّهُمُ ** وَفِي اللَّيلَةِ الظَّلْمَاءِ يُفتَقَدُ البَدْرُ وخاصة في هذه الأيام التي يتطاول فيها كل تافه على هوية الأمة ودينها في ظل تشجيع النظام الحاكم ودعوة رئيسه إلى مراجعة الرأي في المعتقدات الدينية في الوقت الذي يمنع فيه الاستماع إلى أحد غيره في شئون الدنيا والسياسة!.. ولأن ما ينفع الناس يمكث في الأرض فإننا مازلنا نستلهم من تراث كتبه ما ندفع به تجدد تلك الزوابع التي لا تريد أن تنتهي، فلا أجد أفضل من تعليقه الذي كتبه منذ أكثر من ربع قرن، في الرد على دعوات مشابهة تبنّاها -حينها- اثنان من أساتذة الفلسفة الكبار هما "عاطف العراقي"[٥]، و"زكي نجيب محمود"[٦]، والتي استهدفت حجب كل ما هو إسلامي وإسقاط الانتماء والهوية الإسلامية واستبدلها بالعربية!. فعلق الأستاذ ساخرا: «وإذ نحمد الله على أن أحدا لم يطالبنا بأن نغير أسماءنا، كما فعل البُلغار مع المسلمين الأتراك، فإننا لا نستطيع أن نخفي دهشتنا من ضيق البعض بارتباط هذا البلد بالإسلام، حتى في الأوصاف والمسميات»!.[٧].. هذا غيض من فيض مما تركه الأستاذ فهمي هويدي أحد أهم روافد الفكر والصحافة في العصر الحديث من ميراث ضخم أدعو السادة القرّاء إلى مطالعته والإفادة منه، وذلك من خلال كتبه الماتعة: "المفترون .. خطاب الغلو العلماني في الميزان"، و"تزييف الوعي"، و"حتي لا تكون فتنة"، و"التدين المنقوص"، و"أزمة الوعي الديني"، و"القرآن والسلطان"، و"المقالات المحظورة" و"إحقاق الحق"، و"مصر تريد حلا" و"الإسلام والديمقراطية"، و"مواطنون لا ذميون" وغيرها من الكتب والمقالات.. أما ترجمة الأستاذ والمزيد من المعلومات ولماذا كتبت عنه فهذا ما سبق نشره في خمس مقالات سابقة سوف أضع روابطها في التعليقات لمن يحب مطالعتها.. كتبه الفقير إلى عفو الله/ أحمد الشريف.. ٩ صفر ١٤٤٥هـ/ ٢٥ أغسطس ٢٠٢٣هـ #معركة_الوعي_أم_المعارك .. هوامش المقال: [*] من مقال أزمة المثقفين، فهمي هويدي، كتاب إحقاق الحق، صـ١٤١، الطبعة الثالثة سنة ١٤٢٠هـ/١٩٩٠م.. [١] للتفاصيل يرجى مراجعة مقالي "كاتب من مصر"، بتاريخ ٣٠ يونيو ٢٠٢٠م، الرابط بالتعليق الأول.. [٢] حتى لا تكون فتنة، فهمي هويدي، صـ٥، الشروق، ط.سنة ١٩٨٩م [٣] المفترون، فهمي هويدي، صـ١٥٩، دار الشروق، الطبعة الأولى سنة ١٤١٦هـ/١٩٩٦م، وصورة الخطاب كاملاً في التعليق الثاني..
Show all...
3👍 1
[٤] تزييف الوعي، فهمي هويدي، صـ١٦، دار الشروق، ط.سنة ١٩٨٧م [٥] مقال د. عاطف العراقي بعنوان: "هل فلسفتنا عربية أم إسلامية"، أهرام الجمعة الصادر في ٢٩ أغسطس ١٩٨٦م. [٦] مقال د. زكي نجيب محمود بعنوان: "حول مشكلة الانتماء"، الأهرام عدد ١٧ ديسمبر ١٩٨٥م. [٧] تزييف الوعي، فهمي هويدي، صـ٢٠، دار الشروق، ط.سنة ١٩٨٧م.. #في_عيد_ميلاد_الأستاذ !. #إعادة_منقحة_ومزيدة
Show all...
2
#فهمي_هويدي_رائد_معركة_الوعي «واقعة الانتخابات الجزائرية التي تمت في نهاية عام ١٩٩١م، كانت بمثابة رسالة إلى القوى العلمانية المحتكرة للسلطة في العالم العربي منذ بداية القرن العشرين بأن سُلطانها مهدد بالزوال من باب الديمقراطية ذاته. الأمر الذي استنفر مختلف النخب العلمانية لكي تدافع عن وجودها، فبرزت دعوات تأجيل المشروع الديمقراطي وتقديم الإصلاح الاقتصادي على الإصلاح السياسي، وابتكر البعض عنوان #ديمقراطية_الاستثناءات لتبرير استبعاد الإسلاميين من العمل السياسي بحجة الدفاع عن الديمقراطية. وفي كل الأحوال فقد ظل الهاجس الأساسي لتلك النخبة العلمانية هو قطع الطريق أمام تقدم الحالة الإسلامية، وحصارها أو #تصفيتها ما أمكن ذلك»!.. فهمي هويدي كتاب "إحقاق الحق" سنة ١٩٩٣م[*].. –––––––––––––––––––––––––––– كان أبي -رحمه الله- يحرص على شراء الصحف اليومية، كعادة معظم المصريين في أواخر القرن الماضي، ورغم عدم حصوله على أى شهادة دراسية، إلا أنه كان متابعًا بشغف للمتداول إخباريًّا عن الدولة وسياسات حكوماتها الخارجية والداخلية وصراعات البرلمان فضلا عن الاهتمام بقراءة صفحة الحوادث التي كانت أثيرة لدى الغالبية من الشعب المصري!. لذلك عندما وعيت على الدنيا كانت الجريدة في البيت أمرًا طبيعيا وربما ضرورة حياتية!. ولما كنت من ممارسي الرياضة فقد استهوتني صفحاتها في الجريدة أكثر من غيرها، ولكن مع بداية المرحلة الثانوية في منتصف التسعينيات صارت القراءة في الاتجاه الثقافي هي الهواية المفضلة التي فاقت ما عداها، فأخذت أطالع ما يكتبه أرباب القلم وأصحاب المقالات بنهم كبير. وقد كانت الساحة الثقافية وقتها زاخرة بالنجوم اللامعة، خاصة في المؤسسات القومية كالأهرام والأخبار، فكنت أقرأ لمصطفى أمين ومحمود عوض وثروت أباظة، ومصطفى محمود وأنيس منصور، ومرسي سعد الدين، وصلاح الدين حافظ ورجب البنا، وزكريا نيل وميلاد حنا، وسعيد سنبل وعادل حمودة، ويوسف جوهر ونعمات أحمد فؤاد وسكينة فؤاد، ورجاء النقاش وصلاح منتصر ومحمد السيد سعيد، وغيرهم الكثير. ولكن في ظل كل هؤلاء الأعلام رأيت مقالًا متميزًا ذا قراءة مختلفة في الأسلوب والقيمة والهوية، هو مقال الثلاثاء للأستاذ "فهمي هويدي" الذي يُتم بإذن الله يوم الثلاثاء القادم (٢٩ /٨/ ٢٠٢٣م) عامه السادس والثمانين.. فقد كان مقاله مثل المعدن النفيس النادر وسط ركام المعادن التي جمعت بين الجيد والرديء، حيث وجدت فيه مزيجًا فريدًا بين الرقي الفكري والحرص على الهوية الإسلامية، مع عمق الرؤية المعاصرة المؤيَّدة ببراعة الاستدلال من كتب التراث والموروث الحضاري للأمة، فضلا عن تبني مواقف حركات المقاومة والانحياز إلى دول الممانعة وممارسة المعارضة السياسية في غير رعونة ولا نزق، وطلب المعالي مع البعد عن المهاترات وسفساف الأمور، وعدم الاستسلام للضغوط التي يرضخ لها العديد من الكتاب فيخالفون ضمائرهم ويكتبون ما لا يؤمنون به إيثارًا للسلامة وادعاء الحكمة!. وهو المقال الذي كان يُنشر بجريدة الأهرام منذ سنة ١٩٨٥م عقب عودة الأستاذ من الخارج والاستقرار في مصر[١]، فيمنح القارئ جرعات كبيرة من الوعي والثقافة ويرتقي بالفكر والإدراك.. ولما كانت الثمانينات هى أوج المد الديني وعصر الصحوة الإسلامية، فكان الأستاذ أحد رجالاتها المُبَرَّزين الذين تصدوا بإخلاص إلى المشروع المضاد الذي استهدف القضاء على الصحوة وإضعاف إيمان الخلق وطمس هويتهم الإسلامية أو إغراقهم في مظاهر الجمود والتخلف. وهو المشروع الذي التقى عليه نفر من المخلصين المتدينين مع آخرين من الناقمين والكارهين!. الأولون –المخلصون– شوّهوا الدين بقصور الرؤية وقلة الوعي والآخرون دأبوا على تشويهه بفساد الطوية وقلة العلم!. الأولون خوّفوا أو نفّروا الناس من الإسلام حينًا، وعسّروه عليهم حينًا. وفي أحيان أخرى كثيرة فإنهم أقاموا خصومة غير مبررة بين الإسلام وبين الحاضر والمستقبل!. أما الآخرون–جماعات الناقمين والكارهين– فإنهم تنادوا من كل صوب ومضوا ينظمون ويكثفون الهجوم على مواقع الإسلام وأعلامه، مستخدمين مختلف السهام المحملة بالجراثيم والسموم. ومستثمرين كل ما هو متاح من منابر الخطاب وأبواقه. حتى وجدنا بعض المثقفين مع آخرين من المُدّعين تخصصوا في تجريح الحلم الإسلامي ومحاولة اغتياله. مرة بضرب الشريعة، ومرة بالحطِّ من التجربة الإسلامية عبر تاريخها، ومرة بتسفيه الرموز الإسلامية والانتقاص من قدرها.[٢].. وقد توجت مجهوداته بتقدير عظيم من علماء الإسلام الكبار مثل الشيخ المفكر الجليل محمد الغزالي والعلامة يوسف القرضاوي والإمام الأكبر "جاد الحق علي جاد الحق" شيخ الأزهر الذي أرسل للأستاذ رسالة في أوائل العام ١٩٨٨م، يُثنى على كتاباته ويُثمّن جهوده ورباطه على هذه الثغرة العظيمة من ثُغر الإسلام، ومما جاء أولها: «لقد سرني وأثلج صدري محتوى مقالاتك
Show all...
👍 3
الإسلام ابن تيميّة في المملكة مهما كانت دواعي ودوافع ذلك النقد!.[٢].. وبعد فإن هذا الغلو الممجوج وذلك الافتراء المذموم قد أسهما بشكل كبير في تشويه شخص ابن تيمية الذي لم يعرفه أحد من أهل العلم إلا أنزله منزلته المستحقة حتى ولو كان من المختلفين معه في الفكر والمذهب. وهو ما أكده "شمس الدين الذهبي" في "تذكرة الحفاظ" قائلا: «لقد أثنى على نادرة العصر شيخ الإسلام "ابن تيمية" الموافق والمخالف وسارت بتصانيفه الركبان ولعلها ثلاثمائة مجلدًا»[٣]. وقد يجرح البعض في شهادة "الذهبي" لأنه من تلاميذ "ابن تيمية"، ورغم أن ذلك غير وارد لمكانة "الذهبي" في نقد الرجال ومعرفة أحوالهم مما جعله ميزان الحكم على رواة الحديث وأحد أهم علماء الجرح والتعديل مع "ابن حجر العسقلاني" و"جمال الدين المزّي" و"أبي حاتم الرازي" وأمثالهم من الحفاظ الكبار. ومع ذلك فقد حرصت منذ كتابتي للجزء الأول من هذا المقال على عدم الاستدلال بأقوال مريدي الشيخ وأبناء المدرسة السلفية!.[٤].. لأن أقوى الشهادات هى ما كانت من الخصوم والفُرَقَاء. وقد كان الإمام الكبير قاضي القضاة الحافظ المجتهد "تقي الدين بن السُّبْكِيّ" [٦٨٣-٧٥٦هـ] من أشد المختلفين مع "ابن تيميّة"، وبأقواله في رسالته "الدرة المضية في الرد على ابن تيمية" يستدل الكثيرون ليس في إسقاط ابن تيمية من إمامة أهل السنة فحسب، بل والطعن في عقيدته والتشكيك بإيمانه!. وأنا هنا لست في وضع المفاضلة والترجيح بين العلمين الكبيرين فهذا من شأن الفقهاء وأهل الذكر الراسخين في العلم. ولكني أود أن أبرز في هذا الشأن قصة قصيرة لها دلالتها المهمة لأولي الألباب. فقد كان للحافظ "تقي الدين بن السبكي" ابن نابغة اسمه "عبد الوهاب" ولقبه "تاج الدين"، والذي حرص والده على تثقيفه على يد كبار العلماء ممن يثق في علمهم ويطمئن إلى صواب رأيهم، وكان منهم الحافظ "المزي" [٦٥٤-٧٤٢هـ]، والحافظ "الذهبي" [٦٧٣-٧٤٨ه‍ـ] والذي كان يفضله "تاج الدين" على غيره لكثرة ملاطفته ومحبته في مقابل "المزي" المهيب المتجهم، ولكن والده "تقي الدين" كان ينصحه بملازمة "المزي" أكثر من"الذهبي" لعظمة "المزي" عنده.[٥] ومن ثمّ كان حريًّا بمن كان هؤلاء شيوخه أن يبلغ الغاية ويحتل الصدارة في الفتيا والتدريس وأن يخرج للناس من مؤلفاته ما يبهر من غزارة العلم وإحكام الرأي، ومن ذلك درته الماتعة "طبقات الشافعية الكبرى" وفيها ترجمة لأبيه ومعلمه الأول "تقي الدين السبكي"، يقول فيها: «وأما الحافظ "أبو الحجاج المزي" فلم يكتب بخطه لفظة #شيخ_الإسلام، إلا له (يقصد والده) وللشيخ "تقي الدين بن تيمية"، وللشيخ "شمس الدين بن أبي عمر"»!.[٦].. في الأخير لا يجب أن نختم دون التعرض لأمر اللمز الذي يوجهه البعض من أجل التشكيك في قيمة "ابن تيمية" العلمية زاعمين أنه لم يؤلف إلا في الرد على الخصوم ومسائل الجدل والمماحكات. وهو ما يعرف تهافته كل باحث منصف اطلع على تراث شيخ الإسلام وتركته العلمية الهائلة في مختلف علوم الإسلام.. ومثال ذلك ما جادت به قريحة الإمام في #تفسير_القرآن_الكريم، والذي جمعه وحققه أكثر من واحد، منهم الدكتور "عبد الرحمن عميرة" في سبع مجلدات، تحت عنوان "التفسير الكبير لابن تيمية"، والدكتور "محمد السيد الجليند" صاحب ومحقق المجلد الضخم "دقائق التفسير .. الجامع لتفسير الإمام ابن تيمية"، وأيضا الشيخ "عبد العزيز بن محمد الخليفة" محقق "تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء" والذي أخرجه في نحو ألف صفحة!. ونستطيع بسهولة أن نسير على نفس المنوال في سائر العلوم الشرعية، ولكن هذا يجعل ابن تيمية على صعيد واحد مع غيره من علماء الإسلام الكبار، فغاية ما ندركه أن نماثل إنتاجه بإنتاجهم، وهذا أفدح الظلم للإمام الذي كان نسيجًا مختلفًا يؤلف بصورة مغايرة –كما أخبر عن نفسه– والتي نستطيع استخلاصها من خلال تلك الدراسة القيمة للمفكر الإسلامي الكبير الدكتور "محمد سليم العوا" عن المدارس الإسلامية: «نشأ "ابن تيمية" في عصر اضطربت فيه أحوال الدولة الإسلامية بغزو التتار، وانقسامها إلى دويلات صغيرة، ونبوغ المرجفين بالباطل في مواجهة حقائق القرآن والسُّنة، الذين وصفهم بأنهم أهل البدع والأهواء والضلالات، فكان تأليفه في أصول الدين (العقائد) أكثر من تأليفه في فروع الفقه، ولما سأله عن سبب ذلك تلميذه الإمام "عمر بن علي البزّار" والتمس منه أن يضع نصًا في الفقه يجمع اختياراته وترجيحاته ليكون عمدة في الإفتاء، فقال له: الفروع أمرها قريب ومن قلّد فيها أحد العلماء المقلدين جاز له العمل بقوله ما لم يتبين خطأه أما الأصول فإني رأيت أهل البدع والضلالات والأهواء كالمتفلسفة والباطنية والملاحدة والقائلين بوحدة الوجود والدهرية والقدرية والنصيرية والجهمية والحلولية والمعطلة والمجسمة والمشبهة... وغيرهم من أهل البدع قد تجاذبوا فيها بأزمَّة الضلال، وبان لي أن كثيرًا منهم إنما قصد إبطال الشريعة المقدسة المحمدية...
Show all...
👍 1
#ارفعوا_أيديكم_عن_ابن_تيمية ..(٢) .. #هل_استحق_ابن_تيمية_لقب_شيخ_الإسلام ؟!. «لا أنسى كيف كان مشايخنا في المدارس الدينية في العراق قبل حوالي ٥٠ عامًا يحذروننا من "المذهب الوهابي" وجذوره التاريخية في فكر "ابن تيمية" و"ابن القيم" وسواهما، وينهوننا عن النظر في كتبهم. وكان أحد شيوخنا لا يكتفي بذلك، فكان يطالبنا بقراءة الردود على "ابن تيمية" وتلامذته!. لكنني على العكس من ذلك، أثارت فيّ مواقف شيخي وكتب الردود التي كان يصر على أن نقرأها، فضولًا وتطلعًا إلى الاطلاع على كتب "ابن تيمية"، وكل ما أستطيع الوقوف عليه من كتب تلامذته، ولكن لم يكن في وسعي في مدينتنا الصغيرة "الفلوجة" أن أطلع على شيء من ذلك. فلمَّا انتقلت إلى "بغداد" بدأت الدراسة على أيدي أفاضل العلماء فيها، منهم العلامة "أمجد الزهاوي" والعلامة "محمد فؤاد الآلوسي"، والشيخ "محمد القزلجي" والشيخ "قاسم القيسي" والإمام "عبد القادر الخطيب". وهناك أصبحت قادرًا على الحصول على ما أريد من الكتب. وفيما اقتنيته من كتب شيخ الإسلام "مجموعة الفتاوى" وكذلك "الجواب الصحيح" و"القواعد النورانية"، وأهم من كل ذلك، كتاب "الصارم المسلول على شاتم الرسول" الذي وجدت فيه من التوقير والتعزير للنبي ﷺ، ما لم أطلع على مثله عند أحد من أولئك الذين يَدْعون إلى التوسّل وزيارة القبور، واعتبارهما أهم مظاهر الحب لرسول اللهﷺ»!.[١] تعدّ هذه التجربة الشخصية التي تعرض لها الفقيه العراقي الكبير الدكتور "طه جابر العلواني" [١٩٣٥-٢٠١٦م]، رئيس ومؤسس المعهد العالمي للفكر الإسلامي في الولايات المتحدة، دليلاً عمليًّا على المقولة الشهيرة "اسمع مني ولا تسمع عني" والتي أدعو لاستخدامها دائما قبل الحكم على الأشخاص وخاصة على من تركوا ميراثًا عبقريا ضخمًا من الكتب مثل الدكتور العلامة يوسف القرضاوي [١٣٤٥-١٤٤٤هـ/١٩٢٦-٢٠٢٢م]، الذي طعن فيه جُهّال لم يقرأوا كتابا واحداً من كتبه التي تم جمعها في ١٠٥ مجلدًا تضم ٧٥ ألف صفحة من جواهر الكلم ونفاسة الفكر وذكاء الفقه!. وهو ما نستطيع إسقاطه على الكثير من الشخصيات العظيمة عبر التاريخ والتي طالها من الدعاية السلبية ما أساء لقيمتها وحط من قدر مكانتها في أذهان العامة. وإن شيخ الإسلام "أحمد تقي الدين بن تيمية" [٦٦١-٧٢٨هـ/١٢٦٣-١٣٢٨م]، في صدارة تلك الشخصيات، وربما كان السبب الرئيسي وراء ذلك، اتصال دعوة الشيخ "محمد بن عبد الوهاب" [١١١٥-١٢٠٦هـ/١٧٠٣-١٧٩٢م] بدعوته، وما شابها من انحراف فكري على أيدي علمائها تارة واتهامات خصومها تارة أخرى، حتى تم تصوير محاسن شيخ الإسلام ومدرسته بصورة مساوئ فكان لسان حاله يقول: إذا محاسني اللاتي أتيه بها كانت ذنوبي فقل لي كيف أعتذر!. ولقد ذكر الدكتور "طه جابر العلواني" موقفين في غاية الأهمية بهذا الخصوص؛ الأول تعرض له أثناء دراسته على الشيخ "محمد فؤاد الآلوسي"، حيث ورد ذكر "ابن تيمية" فحمل عليه الشيخ "الآلوسي" بشدة، مما دفع "العلواني" إلى مناقشة شيخه في ذلك، فبدا عليه الغضب ثم قال: "هل أنت وهابي؟ اذا كنت كذلك فيمكنك ان تدرس على سواي!. فانصرف الطالب "طه العلواني" وجاء في اليوم التالي إلى شيخه بكتاب #الصارم_المسلول_على_شاتم_الرسول ، واستأذن في أن يقرأ عليه الفهرس وحده، فلما قرأه استعبر الشيخ وقال دع الكتاب عندي لأطالعه!. ويكمل الدكتور "العلواني": «حين حضرت بعد أيام لقراءة درسي عليه في البلاغة، قام الشيخ إلي فقبّل جبهتي. ففوجئت بذلك منه فإذا به يقول لقد أنقذتني من بغض رجل، لم أطلع في عمري كله على كتاب فيه مثل ما في هذا الكتاب من توقير وحب لرسول اللهﷺ، ولن يضير "ابن تيمية" أن يقول ما يقول في التوسُّل والتصوُّف بعد هذا الذي قاله في رسول اللهﷺ، وأنحى باللائمة على أولئك الذين يتناقلون أقوالًا قبل أن يتأكدوا من صحتها من مصادرها. ثم قال سوف أدعو لابن تيمية كثيرًا، ولو أنني أملك ما يكفي من المال لطبعت من هذا الكتاب آلافًا وترجمته إلى سائر اللغات الإسلامية ليعرف المسلمون كيف يحبون رسول اللهﷺ ويوقرونه على طريقة 'ابن تيمية". ومع ذلك أرجو أن تذهب إلى مكتبات بغداد التجارية وتشتري لحسابي جميع نسخ الكتاب لتوزيعها على طلبة العلم والمكتبات العامة حبًّا برسول اللهﷺ وتكفيرًا عن سوء ظني السابق بشيخ الإسلام محب رسول اللهﷺ..»!. وأما الموقف الآخر فهو على النقيض تماماً، وقد حدث عندما كان يعمل مدرسا في جامعة الإمام "محمد بن سعود" بالرياض في سبعينيات القرن الماضي، حيث أعد دراسته عن "فخر الدين الرازي وآرائه الفقهية وتحقيق كتابه المحصول في علم الأصول"، وفيه انتقد الدكتور "العلواني" بعض مواقف شيخ الإسلام من "الرازي"، وبعض أقواله فيه وفي أصحابه، ولمّا رغبت الجامعة بطباعة الرسالة بقسميها الدراسي والتحقيقي، أحيلت إلى فاحِصيْن استبد بأحدهما الغضب إلى درجة أنه أوصى الجامعة بإنهاء عقدها مع الدكتور "العلواني" وإخراجه من البلاد، مؤكداً في –رسالته لمدير الجامعة– أنه لا مكان لمن ينتقد شيخ
Show all...
👍 4
وأن جمهورهم أوقع الناس في التشكيك في أصول دينهم. ولا واللّه ما رأيت فيهم أحدا ممن صنف في هذا الشأن، وادّعى علو المقام، إلا وقد ساعد بمضمون كلامه في هدم قواعد دين الإسلام، فلما رأيت الأمر على ذلك، بان لي أنه يجب على كل من يقدر على دفع شبههم وأباطيلهم وقطع حجتهم وأضاليلهم، أن يبذل جهده ليكشف رذائلهم ويزيف دلائلهم، ذبًّا عن الملة الحنيفية والسنة الصحيحة الجلية .. ثم قال بعد كلام: فهذا ونحوه هو الذي أوجب أني صرفت كل همي إلى الأصول، وألزمني أن أوردت مقالاتهم وأجبت عنها بما أنعم الله تعالى به من الأجوبة النقلية والعقلية».[٧].. وأما أكبر الأسباب في صمود مكانة شيخ الإسلام مع الزمن فهو تقديمه ذلك النموذج الذي يتطلع إليه الناس دائما ويندر وجوده خاصة في أوقات المحن والملمات، حيث يدفع الشجاع ضريبة شجاعته ويحجم الأقوياء خوفاً من العقاب.. ذلك النموذج الذي يواجه العدو الخارجي والمستبد الداخلي بكل عزة وإباء وتمرد ولا يخشى في قول الحق لومة لائم.. فتصدق أفعاله أقواله.. وهو ما سوف نتعرض له تفصيلاً - بإذن الله تعالى ـ في الجزء الثالث والأخير من الحديث عن سيرة الإمام الجليل. كتبه الفقير إلى عفو الله/ أحمد الشريف ١٢ صفر ١٤٤٦هـ/١٦ أغسطس ٢٠٢٤م.. #معركة_الوعي_أم_المعارك هوامش المقال: [١] ابن تيمية وإسلامية المعرفة، الدكتور طه جابر العلواني، صـ١٣، المعهد العالي للفكر الإسلامي، ١٤١٥هـ/١٩٩٥م. [٢] ابن تيمية وإسلامية المعرفة، مصدر سابق، صـ١٤ [٣] تذكرة الحفاظ، شمس الدين الذهبي، صـ١٤٩٧، مكتبة الحرم المكي، مكة سنة ١٣٧٤هـ. [٤] يرجى لمراجعة المقال السابق #ارفعوا_أيديكم_عن_ابن_تيمية بتاريخ ٥ أغسطس ٢٠٢٤م، الرابط في التعليق الأول [٥] طبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين أبي نصر عبد الوهاب بن علي تقي الدين بن عبد الكافي السبكي،جـ١٠ صـ٣٩٨، تحقيق عبد الفتاح الحلو، محمود الطناحي.. [٦] طبقات الشافعية الكبرى، مصدر سابق، جـ١٠صـ١٩٥.. [٧] المدارس الفكرية الإسلامية، د/ محمد سليم العوا، صـ٣٤٢، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت ٢٠١٦م، نقلا عن "البزار" في "الأعلام العلية"، صـ٣٣-٣٤..
Show all...
2
"محمد الغزالي" كتب مقالا يرد على ذلك واصفاً جواز البيعة ليزيد دون الشورى بالكلام الفارغ. هنا أخذ الصديق يطعن في الشيخ "محمد الغزالي" وينتقص من علمه، قبل أن يقول لا تصدق ما يروجه الشيعة الروافض من الطعن في "يزيد بن معاوية، ودعايتهم التي تأثر به السذج من أهل السُّنة!. وعندئذ سألته: فما قولك في ما أورده شيخ الإسلام من رواية "صالح بن أحمد بن حنبل": «قُلت لأبي: إن قوما يقولون: إنهم يحبون يزيد بن معاوية. قال "أحمد": يا بُني، وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر؟!. فقلت: يا أبت، فلماذا لا تلعنه؟!. فقال: يا بُني، ومتى رأيت أباك يلعن أحدًا؟. ثم أضاف "ابن تيمية": وسُئل الإمام "أحمد": أتكتب الحديث عن يزيد بن معاوية؟.. قال: لا. ولا كرامة، أليس هو من فعل بأهل المدينة المنورة ما فعل.. حين صار عسكره يقتلون وينهبون ويفتضون الفروج المحرمة»؟!.[١٢].. فلم ينبس ببنت شَفَة!. ولهذا تحديداً كانت كتابات "ابن تيمية" وعلى الرغم من أنه أكثر الأئمة في الرد على الروافض، المرجع الأفضل من أجل دراسة تلك الفترة الحرجة من تاريخ الأمة وأزمتها الدستورية والسياسية الأولى والتي لازالت تُلقي علينا بظلالها وتداعياتها التي لن تنتهي حتى قيام الساعة.. وهو ما يؤيده قول العلامة الدكتور "يوسف القرضاوي" في تصديره الماتع لكتاب "الخلافات السياسية بين الصحابة" للأستاذ "محمد بن المختار الشنقيطي": «لقد كان الباحث موفقًا في اعتماده على دراسات ابن تيمية حول ما وقع بين الصحابة فهو الرجل الذي درس هذه الفترة برؤية تاريخية شرعية متوازنة، وقد تميز ابن تيمية بالقدره على التأصيل الباهر في الشرعيات، فلا عجب أن يكون كذلك في التاريخيات. وقد أيدته ثقافته الواسعة بمدد لا ينضب في القدرة على التقويم والتصحيح، والاعتدال في الحكم على الأمور..» ومع هذا فقد وافق "القرضاوي" الباحث الموريتاني "الشنقيطي" في أخذ بعض الملاحظات المنهجية على "ابن تيمية" ومنها التناقض أو التردد في مواقفه أحيانا من بعض القضايا مثل طمع "معاوية" في الخلافة!. ولذلك عقب الدكتور "يوسف القرضاوي" في النهاية: «لا يظن أحد أن ابن تيمية معصوم من الخطأ، فهذا ما لا يدعيه لنفسه ولا ندعيه له وقد خالفته في عدد من القضايا برغم إعجابي به، ولكن حسْب كل عالم باحث في الشرع أو التاريخ أن يجعل نيّته الوصول إلى الحق، وأن يتخذ لذلك منهجًا سليمًا، وأن يجتهد في ذلك ما استطاع، ولا يبعده عن العدل حبٌّ ولا بغض. وأن يدعو الله بدعاء الرسول الكريم ﷺ: "اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم"»[١٣].. وهذا المنهج القويم هو خير ما نختم به الجزء الأول من المقال الذي لم تتسع سطوره للحديث عن مؤلفات شيخ الإسلام وتركته العلمية الهائلة واستعراض رأيه ومواقفه في جهاد العدو، مع مناقشة اتصال دعوته بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وما أصاب سمعته من جرّاء ذلك، ففي الجزء الثاني بإذن الله تعالى!. كتبه الفقير إلى عفو الله/ أحمد الشريف ١ صَفَر ١٤٤٦هـ / ٥ أغسطس ٢٠٢٤م .. #معركة_الوعي_أم_المعارك هوامش المقال: [١] الإمام الغزالي بين مادحيه وقادحيه، الدكتور يوسف القرضاوي، صـ١٢٦، مؤسسة الرسالة، بيروت ١٤١٤هـ/١٩٩٤م [٢] من ترجمة الدكتور "محمد يوسف موسى"، لفضيلة الشيخ مجد مكي ، موقع رابطة علماء سوريا، بتاريخ ١٣ ذو القعدة ١٤٤٠هـ/١٥ يوليو ٢٠١٩م .. [٣] ابن تيمية، محمد يوسف موسى، صـ٥٦، مؤسسة هنداوي، القاهرة سنة ٢٠١٥م، نقلا عن "ابن رجب" جـ٢صـ٣٩٠، و"شذرات الذهب"، جـ٦ صـ٨٢.. [٤] ابن تيمية، محمد يوسف موسى، صـ٥٨، مصدر سابق [٥] النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين، الدكتور محمد رجب البيومي، جـ٢صـ٢٨٠، دار القلم، دمشق، ١٤١٥هـ/١٩٩٥م. [٦] ابن تيمية.. حياته وعصره.. آراؤه وفقهه، محمد أبو زهرة، صـ٢٧٢:٢٧٠، دار الفكر العربي. [٧] ابن تيمية، محمد أبو زهرة، صـ٤، مصدر سابق. [٨]"الضياء اللامع في الخطب الجوامع"، محمد بن صالح العثيمين، صـ٨٩٤، الخطبة العاشرة من القسم الثامن في سيرة النبي وخلفائه. [٩]مناقب عمر بن الخطاب، ابن الجوزي، صـ٢٢٣ من حديث سعيد بن المسيب، طبعة الهيئة العامة للكتاب [١٠] مجموع الفتاوى، ابن تيمية، طبعة دار الوفاء-المنصورة، جـ٢٨ صـ٨٤، الطبعة الثالثة سنة ٢٠٠٥م. [١١] السياسة الشرعية، في إصلاح الراعي والرعية، ابن تيمية، صـ٣١ تحقيق علي بن محمد العمران، دار عالم الفوائد، مكة المكرمة ١٤٢٩هـ [١٢] مجموعة الفتاوى، شيخ الإسلام ابن تيمية جـ٣ صـ٢٥٤، دار الوفاء للطباعة والنشر، الطبعة الثالثة سنة ١٤٢٦هـ - ٢٠٠٥م. [١٣] الخلافات السياسية بين الصحابة، محمد بن المختار الشنقيطي، صـ٢٦-٢٧، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت ٢٠١٣م.
Show all...
3
Choose a Different Plan

Your current plan allows analytics for only 5 channels. To get more, please choose a different plan.