يوسف الدموكي

حين تستيقظون في الصباح تذكروا أهلا لكم لم يستيقظوا منذ سنة كاملة.. لأنهم لم يناموا قط.

سلام الله على أسيادنا المرابطين الصامدين الثابتين المؤمنين الصابرين الصادقين؛ القابضين على الجمر دون تفريط، الواقفين على الثغر دون تبديل، الذين لزموا الجبهات ولم يراوحوا عنها منذ 350 يومًا وليلة، إلا شهداء أو مقاتلين من جديد. إن كانت نعال أهل غزة المخلصين فوق رؤوسنا، فالتراب الذي تسير فوقه نعالكم تيجان علينا، نقبل لله أقدامكم ونشد على أياديكم ونجعل رقابنا فداء لكم.

هاهي جرافات العدوّ تفعل بإخوتكم، ما لم يفعله أوائل الظالمين حين كانوا ينشرون إخوانكم الذين سبقوكم بالإيمان من أتباع أجدادكم الأنبياء بالمناشير، ولو ضرب رسول الله بهم المثل لأصحابه علّهم ليصبّرهم على أذاهم، فهو لم يضرب المثل بما سيلقاه اللاحقون، ولكن كفاهم بيانه الذي أخبر فيه عن عظم أجرهم أكثر من صحابته الذين رأوه، هؤلاء القابضين على الجمر، الذائدين عن العرض، الصابرين على البأساء والضراء، المنكّل بهم، المفجرّين في المنازل، الملقَين من فوق أسطحها، الممزقين بأسنان الجرافات، لأنهم قالوا ربنا الله، وعليها عاشوا وعليها يموتون. .. إن تلك المشاهد أمانة في أعناقكم، فابنوا المعركة القادمة على أساس العقيدة أولًا، ثم الأرض والعرض والوطن، وحينها لن تأخذكم بالمجرمين السفاحين السفاكين الفتاكين رأفة، ولن تفرطوا في دماء الذين قضوا على الطريق ليرشدوكم إليها ويعينوكم عليها، وكفى بالمؤمنين ملك الأرض والسماوات في فوهات البنادق وهوات الخنادق. والله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين؛من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.

خزنوا هذه الصورة في نفوسكم وصدور أبنائكم، خزنوا ذلك الثأر بتلك الكيفية تماما وأكثر، أبقوا عقولكم مشتعلة وقلوبكم حاقدة سوداء تجاه هذا العدو السفاح، لا تبقوا في دمائكم قطرة واحدة دون أن تحمل مسؤولية القصاص لفلذات قلوبكم من أهليكم وإخوانكم؛ ولا تنتظروا ذلك اليوم المشهود، لأنه لن يأتي إلا أن تتعجلوه.

رحم الله صاحب نظرية الأمن الثلاثية "السلاح والغذاء والدواء"؛ فإنما تؤتى الأمم منهنّ، تحارب فلا تجد إلا سلاحا صنعه عدوك، وتجوع فلا تجد ما تأكله بيدك، وتمرض فلا تجد دواءً إلا وفيه داؤك؛ ولهذا تحديدًا كان اغتياله، لأنه أراد أن يملك إرادته.

استشهاد أحمد الغول، شقيق الأخ الشهيد إسماعيل الغول، في غارة إسرائيلية جنوب غزة. ارتقى الإخوة الثلاثة ودون أن يودع أحدهم الآخر.. يا لثارات الغول ومواجعها.

ذلك العدو المغرور بفعله، يحاول أن يمحو كيف "شلّح" أولادُنا قادته سراويلهم على مشارف غزة دون أن تغني عنه استخباراته شيئا. لذلك سيظل السابع من أكتوبر عقدته حتى يزول، ولا تزول.

الوقوف عند بعض الأحداث ثم إطلاق الأحكام دون انتظار بقية الفصول من أمر الله كمن يقرأ القرآن ثم يسكت فجأة عند الوقف المحرم، ولا هو أتم المعنى، ولا نال أجر القراءة، ولا ترك العاقلين دون تدليس.

لا شيء. غزة تستصرخ الله لا العالم.